فلسطين: "مقابر الأرقام" شاهدة على انتقام الكيان من جثامين الشهداء

مقابر الأرقام في فلسطين
18/06/2024 - 17:22

تشكّل "مقابر الأرقام" في فلسطين المحتلة، شاهدة على انتقام الكيان الصهيوني من جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين لا زالوا عرضة للتنكيل وسط إصرار قوات الاحتلال على رفض تسليم الجثامين إلى العائلات.

على نحو همجي يتكرّس لليوم الـ 256، يواصل الكيان المتوحش احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين عنوة في مقابر سرية يُطلق عليها "مقابر الأرقام"، وتقع هذه المقابر في مناطق عسكرية يمنع الاحتلال الاقتراب منها أو الإفصاح عن أي معلومات حولها، في فصل جديد من مسلسل فظاعات جيش الاحتلال الصهيوني وعدوانه البربري المستمر منذ السابع أكتوبر 2023 على قطاع غزة.

ويُمعن الصهاينة في الانتقام من جثث الشهداء ويقومون باحتجازها في "مقابر الأرقام"، حيث يوضع جثمان كل شهيد محتجز في قبر ويمنع وضع اسمه عليه وتاريخ وفاته، بل توضع فوقه لافتة معدنية تحمل رقما يرمز إلى ملف سري يحتفظ به المحتل الصهيوني.

ويصر الكيان الصهيوني على احتجاز جثامين الشهداء لمعاقبة أهاليهم وابتزازهم ومساومتهم، وليتمكن من سرقة الأعضاء منها دون حسيب أو رقيب، ودون أن يتفطن أحد من أهالي الشهداء لهاته العمليات البشعة التي ترتكب في حق رفات الشهداء الفلسطينيين، كما يحتجزها أيضاً لإخفاء آثار التعذيب على أجساد الشهداء، خاصةً الأسرى الذين ارتقوا داخل سجون الاحتلال.

احتجاز 515 جثماناً بينهم جثامين 8 نساء و43 طفلاً

نقلت وكالة الأنباء الجزائرية على لسان عصام العاروري، ممثل الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة والكشف عن مصير المفقودين، تشديده على أنّ الاحتلال الصهيوني يحتجز 515 جثمانا لشهداء فلسطينيين من بينهم جثامين 8 نساء و43 طفلاً.

وأضاف العاروري: "هذا العدد لا يشمل الشهداء الذين ارتقوا في الأسر منذ السابع أكتوبر من قطاع غزة، والذين لا تعرف أعدادهم ولا يعلم عنهم شيئاً، لأنه لم يستطع أحد أن يزور المناطق التي يتم فيها الاحتجاز".

وأفاد العاروري أنّ الكيان الصهيوني يحتجز أيضاً جثامين 27 فلسطينيا من شهداء الحركة الأسيرة، كان أولهم الشهيد أنيس دولة منذ 1980 وآخرهم الشهيد وليد دقة منذ السابع من أفريل الماضي.

وأشار العاروري إلى أنّ الكيان الصهيوني هو "الوحيد في العالم الذي يفرض عقوبات على الجثث، حيث يحتجز المئات من جثث الشهداء ويرفض إعطاء أي معلومات حولها كما يمنع الأهالي من التقرب من هذه المقابر"، مضيفاً أنه "الوحيد في العالم أيضا الذي يُجبر الأسير الذي استشهد، على إكمال مدة حكمه عن طريق احتجاز جثمانه، أي أنّ جثمان الشهيد هو من يكمل مدة الحكم المفروضة عن صاحبه".

5 مقابر

أكد العاروري أنّ عدد "مقابر الأرقام" التي أقامها الاحتلال، خمسة، وهي المقبرة المجاورة لجسر "بنات يعقوب" وتقع في منطقة "عميعاد" العسكرية على الحدود السورية – اللبنانية، وتفيد بعض المصادر إلى وجود ما يقرب من 500 قبر فيها لشهداء فلسطينيين ولبنانيين.

وأضاف أنّ المقبرة الثانية هي تلك الواقعة في المنطقة العسكرية المغلقة بين مدينة أريحا وجسر داميه في غور الأردن، وهي محاطة بجدار فيه بوابة حديدية،  ويوجد فيها أكثر من مائة قبر،  وتحمل هذه القبور أرقاماً من 5003 إلى 5107 (لا يُعرف عما إذا كانت هذه الأرقام تسلسلية لقبور في مقابر أخرى، أم كما يدعي الكيان الصهيوني بأنها مجرد إشارات ورموز إدارية لا تعكس العدد الحقيقي للجثث المحتجزة في مقابر أخرى).

وبحسب عاصم العاروري، فإنّ المقبرة الثالثة فهي مقبرة "ريفيديم" وتقع في غور الأردن، فيما تسمى المقبرة الرابعة "شحيطة"، وتقع في قرية "وادي الحمام" شمال مدينة طبريا الواقعة بين جبل أربيل وبحيرة طبريا، بينما تقع المقبرة الأخيرة التي كشف النقاب عنها في صحراء النقب بالقرب من الحدود المصرية.

وأكد العاروري وجود مقابر أخرى لم يفصح عنها الكيان الصهيوني وتقع في عسقلان وبئر السبع، مشيراً إلى أنّ هذه المقابر هي عبارة عن "مدافن رملية قليلة العمق، ما يعرّضها للانجراف، فتظهر الجثامين منها، لتصبح عرضة لنهش الكلاب والحيوانات الضالّة والضارية".

جريمة عمرها 30 عاماً

قال العاروري إنّ استمرار الاحتلال في احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين في "مقابر الأرقام" والثلاجات، "تعدّ جريمة مخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني والأعراف الدولية ذات العلاقة"، مبرزاً أنّ هذه المقابر "تمّ الكشف عنها عن طريق الصدفة من قبل سكان المناطق التي تقع فيها والرعاة الذين كانوا يلاحظون تحركات مشبوهة للعدو الذي لم يعترف بوجودها إلا بعد أكثر من ثلاثين سنة من إنشائها".

وأشار ممثل الحملة إلى أنّ أبواب القضاء في الكيان الصهيوني "موصدة في وجه أهالي الشهداء، بعد أن شهدنا في السنوات الأخيرة تواطؤ القضاء مع المستويين الأمني والسياسي بإقراره جواز احتجاز الجثامين كرهائن وأوراق مساومة في قضية الصهاينة المحتجزين في قطاع غزة".

وأضاف أنّ "احتجاز الجثامين في مقابر الأرقام وثلاجات الاحتلال يشكل انتهاكاً للكرامة الإنسانية للشهداء ولذويهم وعائلاتهم التي تأمل في استرجاعها لإتمام مراسم الدفن".

واستنكر المتحدث صمت المؤسسات الدولية والحقوقية فيما يتعلق بقضية "مقابر الأرقام"، داعياً لفضح جرائم الاحتلال وتطبيق القانون الدولي في هذا الشأن والضغط على الكيان الصهيوني من أجل استرجاع جثامين الشهداء.

وبالموازاة مع اعتقال الآلاف من الفلسطينيين والزج بهم في السجون دون أن توجه لهم أي تهم حقيقية، دأب الاحتلال الصهيوني على اعتقال جثامين الشهداء كطريقة أخرى لمعاقبة ذويهم وحرمانهم من توديعهم ودفنهم بطريقة لائقة ترقى للكرامة الإنسانية،  وكمصدر آخر لإثراء بنك الجلود والقرنيات الخاص به، والتي يتم سرقتها من جثامين الموتى أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي.