كشف رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، اليوم الأحد، تفاصيل جديدة عن "الفساد المستشري في المملكة"، وقال إنّه "بنيوي، ويساهم غياب المحاسبة و المسائلة في تعميقه"، مشيراً إلى أنّ المنظومة القضائية تشكل "بيئة حاضنة" لهذه الآفة التي تنخر اقتصاد المملكة.
في ندوة حول مكافحة الفساد، اعتبر الغلوسي أنّ استمرار هذا الفساد والريع في المغرب "يعود إلى أنّ قوى مستفيدة من هذا الوضع تسعى إلى إعادة إنتاج الاستبداد والرشوة لتستمر في زواج المال والسلطة واستمرار الإفلات من العقاب و من استمرار التمييز في تطبيق القانون".
وأضاف: "لم يعد سراً اليوم أن هناك محامون يتعاطون الرشوة وراكموا ثروات كبيرة بسبب استفحال الفساد والرشوة. كما أنّ بعض القضاة مساهمين في هذا الموضوع"، متسائلاً: "كيف يمكن أن نحارب الفساد والرشوة والمؤسسة القضائية المنوط بها هذا الدور هي نفسها تعاني من الفساد والرشوة ومن اختلالات وأعطاب بنيوية كثيرة نظرا لتأثير مراكز المال والأعمال على القرارات القضائية".
وشدّد الغلوسي على أنّ خطورة الظاهرة تكمن في "تمكنها من المنظومة القضائية" باعتبارها "ملتقى الطرق و الملجأ الأول والأخير للأفراد والجماعات التي تشعر بظلم أو بحيف أو بانتهاك ما".
وتوقف الغلوسي عند الازدواجية التي تطبع المنظومة القضائية في المغرب، قائلاً إنّ "هناك صحفيين ومحامين ونشطاء رأي وغيرهم يتابعون في حالات اعتقال بأحكام رادعة و قاسية، في المقابل، هناك مفسدون ولصوص المال العام يتابعون في حالة سراح ولمحاكمات تستغرق زمناً طويلاً"، معتبراً أنّ هذا الوضع "يؤثر على مناخ الاستثمار لتورط منظومة القضاء في الفساد والرشوة".
وانتقد الحقوقي المغربي القوى المستفيدة من الريع والفساد، ورأى أنّها :"تجرّ المملكة نحو إعادة إنتاج السلطوية والاستبداد والفساد لاستفادتها من زواج المال بالسلطة ومن استمرار الريع والإفلات من العقاب"، مشيراً إلى أنّ "هذه المواقع ممتدة في الدولة والمجتمع".
وأوضح أنّه "لا يمكن الحديث اليوم عن دولة الحق والقانون في ظل استفحال الفساد والرشوة بسبب سياسة الإفلات من العقاب واستمرار التمييز في تطبيق القانون والعدالة، بالإضافة إلى استمرار الريع في الحياة السياسية وفي الحياة العامة".
وكان رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام حذّر من شبكات الفساد ونهب المال العام التي أصبح لها "امتداد في مفاصل الدولة وتستغل مواقع المسؤولية للتغطية على أنشطتها الإجرامية"، مؤكّداً أنّ هذه الشبكات "تدفع بالدولة والمجتمع نحو المجهول وتقامر باستقرار الوطن".
وذكر الغلوسي أنّ "الملفات الأمنية والقضائية ذات الصلة بالفساد ونهب المال العام كشفت أنّ الأمر يتعلق بشبكات لها امتدادات في المجتمع والدولة، وأنّ هذه المافيا تمددت واستعملت أساليب مختلفة ضمنها الاحتماء ببعض المواقع العمومية للتغطية على أنشطتها الإجرامية".