يستحضر الجزائريون هذا الأحد الذكرى الـ68 لاستشهاد القائد الثوري علي ملاح ( الـ30 مارس 1957) الذي خلد اسمه في تاريخ الجزائر المقاوم، بعد أن أضاءت روحه سماء الحرية والكرامة في سبيل الدفاع عن الجزائر.
في زمنٍ كانت فيه البلاد تواجه الاحتلال والاستعمار الفرنسي، كان الشهيد علي ملاح المعروف بالعقيد سي الشريف ( 1924 – 1957 ) من أولئك الذين اختاروا طريق الجهاد، فلبى نداء الوطن بكل عزيمة وإصرار، حيث سجل اسمه كقائد عسكري للولاية السادسة أثناء الثورة الجزائرية.
ولم يكن اختيار القائد علي ملاح للنضال الثوري بمحض الصدفة وانما كان قرارا نابعا من التنشئة الاجتماعية، حيث نشأ متشبعاً بالتربية الدينية والروح الوطنية، الشيء الذي جعله يختار مبكراً طريق العمل الثوري للقضاء على مظاهر الاستعمار الفرنسي من ذل وطغيان، حيث انخرط بعد معايشته لمجازر الـ8 ماي 1945 الرهيبة في حزب الشعب الجزائري، في نشر الوعي الثوري وتكوين المناضلين سياسياً، فأصبح بعد فترة وجيزة من أبرز مناضلي الحزب في المنطقة، وهذا ما عرّضه لمطاردة السلطات الفرنسية خاصة بعد مشاركته كمسؤول في قسمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية في تنظيم انتخابات المجلس الوطني، ليُجبر على دخول حياة السرية والتخفي سنة 1947 وواصل نضاله في المنظمة الخاصة.
وعند اندلاع الثورة التحريرية في الـ1 نوفمبر 1954، قام الشهيد علي ملاح على رأس فصيلة من المجاهدين بهجوم ناجح على مدينة عزازقة مكبِّداً الاحتلال الفرنسي خسائر مادية فادحة، ليعيد الكرة مرة أخرى بعد أيام معدودة، حيث قاد هجوماً فدائياً على مركز الدرك الفرنسي بمدينة تيغزرت بتيزي وزو ملحقاً خسائر مادية وبشرية كبيرة بالعدو الفرنسي.
واصل الشهيد نشاطاته المختلفة في المنطقة، قائداً مغواراً لفصائل جيش التحرير الوطني، منظماً لأفواج المسبلين ولجان جبهة التحرير الوطني في القرى، إلى جانب استشارته من طرف القادة والمجاهدين في القضايا الدينية، فقد كان يقوم بمهمة الإفتاء حسب أصول الشريعة الإسلامية وعلى أحسن وجه نظراً لدراسته الدينية السابقة.
ولما انعقد مؤتمر الصومام في الـ20 أوت 1956 كلفه قادة الثورة التحريرية بمهمة قيادة الولاية السادسة مع ترقيته إلى رتبة عقيد فصار يدعى العقيد سي الشريف، كما عُين أيضاً عضواً في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، لينطلق بعدها العقيد علي ملاح على رأس كتيبة من المجاهدين متجهاً إلى الولاية السادسة بالجنوب الجزائري لأداء المهام المنوطة به، ورغم شساعة الولاية وصعوبة تضاريسها ومناخها، إلا أنه تمكن من إشعال فتيل الثورة المسلحة في الصحراء بعد أن أحكم الاستعمار الفرنسي سيطرته عليها لمدة طويلة.
رحل الشهيد علي ملاح، غير أن روحه ستظل حية في قلوب الجزائريين، وسيبقى إسمه محفوراً في ذاكرة الأجيال، تذكرهم دوماً بمسيرة العز والكرامة التي خاضها هذا البطل في سبيل وطنه.
المصدر: ملتيميديا الإذاعة الجزائرية- عمار حمادي