ما تعرضت له الجزائر وإفريقيا من جرائم استعمارية وانعكاساتها البيئية لا يسقط بالتقادم

تاريخ بيئة
03/11/2025 - 15:42

أكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، عبد المالك تاشريفت، اليوم الاثنين بالجزائر العاصمة، أن ما تعرضت له الجزائر وإفريقيا من جرائم استعمارية، بما في ذلك الجرائم البيئية، لا يسقط بالتقادم ولا يمكن تجاوزه بالتناسي، مبرزاً أن الاعتراف بهذه الجرائم هو "شرط أساسي لتحقيق العدالة والإنصاف".

وفي كلمة ألقاها خلال ملتقى حول المخلفات البيئية لجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، بحضور وزيرة البيئة وجودة الحياة، كوثر كريكو، ووزير الاتصال، زهير بوعمامة، وكاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلفة بالشؤون الإفريقية، سلمى بختة منصوري، إلى جانب مجاهدين وخبراء، أوضح السيد تاشريفت أن الجهود المبذولة في دراسة الجرائم الاستعمارية، لاسيما البيئية منها، تأتي في إطار "السعي المتواصل لتسليط الضوء على تلك الحقبة المظلمة من تاريخ الجزائر، وإبراز ما عاناه الشعب الجزائري من فظائع استعمارية ممنهجة ما تزال آثارها البيئية والإنسانية ممتدة إلى الحاضر"، مشدداً على أن تلك الصدمات التاريخية تستدعي "اعترافاً وإنصافاً وعدالة".

وأشار إلى أن هذه الجهود العلمية والبحثية تندرج في إطار العناية البالغة التي يوليها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، للذاكرة الوطنية، وهو الاهتمام الذي مكّن – كما قال – من "توثيق الشهادات الحية للمجاهدين وشهود التاريخ وكشف الحقائق المغيّبة، في أحد المسارات الجوهرية لترسيخ وعي جماعي ينصف الماضي ويؤسس لمستقبل متصالح مع تاريخه".

وأكد في السياق ذاته أن هذا الملتقى العلمي "يفتح صفحة جديدة في دراسة البعد البيئي لجرائم الاستعمار التي ما تزال الأجيال تدفع ثمنها إلى اليوم"، معتبراً ذلك "خطوة ضرورية لتوسيع فهم هذه الجرائم وكشف مسؤولية القوى الاستعمارية في الإضرار بالإنسان والبيئة والعمران".

وأضاف أن دراسة هذه الحقائق التاريخية "لا تندرج ضمن مسؤولية الدولة أو المؤسسات الأكاديمية فحسب، بل هي واجب وطني وأخلاقي يؤديه الجميع، وفاءً لتضحيات الشهداء وإنصافاً لتاريخ الأمة الجزائرية المجيد".

من جانبها، اعتبرت السيدة كريكو أن الذاكرة البيئية "جزء لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية"، مشيرة إلى أن الحفاظ عليها يندرج في إطار "مواصلة مسار التوثيق العلمي لجرائم الاستعمار وآثارها البيئية الممتدة إلى اليوم".

وأوضحت أن قطاع البيئة أرسى نظاماً بحثياً لتوثيق هذه الحقائق التاريخية من خلال دراسات وشهادات حية لمجاهدين عايشوا تلك المرحلة، للتأكيد على أن الاستعمار "لم يكن حاملاً للحضارة بل للدمار".

وأشادت الوزيرة بـ"الاحترافية العالية والتفاني الأصيل لأفراد الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، في حماية مقدرات الوطن، لا سيما البيئية منها، والتصدي لكل محاولات زعزعة استقرار الجزائر ومسارها التنموي".

كما أكدت التزام قطاعها بتجسيد توصيات هذا الملتقى على المستويين الوطني والإفريقي، في إطار إحياء الذاكرة الوطنية وترسيخ الوعي البيئي المرتبط بتاريخ الجزائر وكفاحها من أجل الحرية والسيادة.

وفي تصريح للصحافة، أفادت الوزيرة بأنه تم تكليف المركز الوطني للتنمية المستدامة التابع للوزارة بإجراء تحاليل لعينات من التربة في بعض المناطق التي شهدت عمليات قصف وتعرضت لسياسة الأرض المحروقة إبان فترة الاستعمار، مبرزة أن النتائج الأولية لهذه العملية، التي جاءت بالتنسيق مع وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، "أثبتت وجود أضرار بيئية معتبرة في الأماكن المعاينة، مع ملاحظة تدهور الغطاء النباتي واختلال المنظومة الإيكولوجية".

وأشارت في هذا الصدد إلى أن قطاع البيئة "سيعمل بالتنسيق مع كل الأطراف المعنية من أجل تعميق الدراسات بطريقة علمية دقيقة لتحديد الأضرار التي لحقت بالغطاء النباتي في الجزائر جراء الممارسات المخالفة للقوانين والأعراف الدولية، لا سيما البيئية منها".

المصدر
وأج