أعلن بيان أول نوفمبر 1954، عن تأسيس جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني، وكرّسهما لتجسيد هدف الحرية والاستقلال.
أثبت جيش التحرير الوطني، فعالية وقوة وثباتاً إبان الثورة، وبطاقةٍ مستمدة من عمقه الشعبي، لقّن المجاهدون، الاحتلال الفرنسي دروساً في فنون الحرب، كلّلت باسترجاع السيادة الوطنية بعد كفاح مرير وتضحيات منقطعة النظير.
واقترن استرجاع السيادة الوطنية، بتحول جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي الذي نهض بدور مشهود في مسار بناء الدولة الجزائرية الحديثة، حيث أسهم بفعالية في تأهيل الموارد البشرية وتشييد المنشآت ودفع مسارات التنمية الوطنية الشاملة.
وفي الرابع أوت من عام 1962، تقرر تحوير جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي لتنطلق المسيرة الطويلة والمظفرة التي حققت إنجازات مشهودة على كافة الأصعدة، وتشكّلت النواة الأولى للجيش الوطني الشعبي من حوالي 50 ألف مجاهد وإطار متعلم، وتولّى سليل جيش التحرير الوطني، مهام الدفاع عن السيادة الوطنية والمساهمة في عمليات البناء والتشييد.
وينفرد الجيش الوطني الشعبي عن بقية جيوش العالم بكونه لم يتأسس بمرسوم، في دلالة عميقة للبعد الوطني والامتداد الشعبي لسليل جيش التحرير الوطني، وولادته من رحم شعب تكبّد الويلات وفجّر واحدة من أعظم ثورات القرن العشرين.
وظهر الدرك الوطني إلى الوجود في أوت 1962 ومصلحة الإشارة في سبتمبر 1962، ليتمّ إنشاء مدرسة أشبال الثورة في ماي 1963، والكلية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال في جوان 1963، قبل تشييد عشرات الهياكل الأخرى لاحقاً.
وبعد 15 شهراً من عمر الاستقلال، تصدى الجيش الوطني الشعبي وبمؤازرة قوية من الشعب لعدوان غادر من نظام المخزن في أكتوبر 1963، عُرف آنذاك بـ "حرب الرمال"، وقدّم الجيش الوطني الشعبي مئات من الشهداء دفاعاً عن حرمة الجزائر.
ومنحت المادة الثامنة من دستور 1963 للجيش الوطني الشعبي صلاحيات اجتماعية وسياسية واقتصادية، فضلاً عن وظيفته الأساسية المتمثلة في الدفاع الوطني.
وساهم صدور قانون الخدمة الوطنية في 16 أفريل 1968 في تمكين الجيش الوطني الشعبي من الاستفادة من خبرة الإطارات الجامعيين في تحقيق أهداف التنمية الوطنية، وتجلى ذلك على أكثر من صعيد، وكان له الأثر في النهوض بالمناطق المحرومة.
وأكّد دستور 1976 مشاركة الجيش الوطني الشعبي في التنمية والتشييد الوطني، إضافة إلى تكريس مكانته المحورية في تنظيم الدفاع الوطني.
وتبنَّى الجيش الوطني الشعبي، إستراتيجية صناعية تتعزّز باستمرار، ما أسهم في تطوير الصناعات العسكرية الوطنية، كما هو حال مركبات مرسيدس-بنز ، التي أنتجت بين عامي 2014 و2022، ما يربو عن الـ 146 ألف مركبة من مختلف الأصناف.
وساهمت الصناعات العسكرية بقسط وافر في إعادة فتح مصانع كانت مهددة بالإفلاس والغلق، على غرار الشركة الوطنية للعربات الصناعية بالرويبة، وغيرها من الوحدات التي حُظيت بعمر ثانٍ عبر ولايات الوطن.
تعزيز التلاحم
شكّل الحراك الشعبي المبارك يوم الجمعة 22 فيفري 2019، تثمينًا لمسار نضالي تاريخي عزّز تلاحم الشعب والجيش، وصنعت الهبّة الشعبية الاستثناء، وأبهرت العالم عبر عشرات الأسابيع من التظاهر الحضاري تحت حماية الجيش الوطني الشعبي.
وفي فيفري 2021، وقّع رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على مرسوم جعل 22 فبراير "اليوم الوطني للأخوّة والتلاحم بين الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية"، بعدما سمح الحراك وتلاحم الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية، بإعادة البلاد إلى سكتها الصحيحة، وإنقاذ الدولة، كما أنتج انفتاحًا أكبر على شريحتي الشباب والنساء، وجرى التمكين للشباب، عبر دفع الطاقات الواعدة، وتحفيز الفعل الشباني المثمر، وتثمين المبادرات الخلاّقة.
وبإرادة باهرة، يواصل الجيش الوطني الشعبي أداء المهمة المقدسة في الدفاع عن أمن الوطن وحرمة المواطنين، ويحرص الجيش الوطني الشعبي على بلوغ "أقصى درجات الجاهزية مـن خلال تحقيق نتائج باهرة ومثالية"، وهي نتائج أتت محصلة الرعاية المتواصلة والاهتمام الفائق الذي توليه القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي لكل ما يتصل بتطوير قدرات قواتنا المسلحة على جميع الأصعدة والمستويات.
في هذا السياق، أكّد رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أنّ الجزائر "دخلت عهدًا جديدًا والقوية بجيشها وشعبها، وهي عازمة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تحت قيادة رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، على الحفاظ على سيادتها ووحدتها الوطنية وقرارها السيد، كما أنها في أتم الاستعداد للتصدي بحزم وصرامة لكل المخططات الدنيئة التي تحاك في السر والعلن لاستهداف كيان الدولة الوطنية ورموزها، معتمدة في ذلك على رصيدها التاريخي الزاخر ومبادئها الثابتة ووحدة شعبها الأبي".
فخر واعتزاز وفضح للمرتزقة
إنّ "المنحى التصاعدي" الذي خطاه الجيش الوطني الشعبي أضحى "مصدر فخر واعـتزاز للمواطن الجزائري، وفضح المرتزقة الذين ظلوا يحاولون عبثاً تشويه مؤسسة الجيش وقياداتها ورميها بوابل من الأكاذيب والمغالطات التي وقف شعبنا على زيفها وعلى خيانة أصحابها المرتمين في أحضان العدو.
إنّ الجزائريين مدعوون إلى إسكات كل الألسنة السيئة التي تحاول تشـويه سمعة بلدهم وكل النفوس المريضة التي تحمل الحقد والكراهية ضد أبناء جلدتها وكل الأيادي المرتعشة التي لا تقوى على حمل معاول البناء والتشييد، والمساهمة بالإمكانات والكفاءات والإرادات للرقي ببلادنا إلى مصاف الدول القوية وبناء الجزائر الجديدة وتحقيق حلم الشهداء وكل المخلصين.
رابـح هوادف – ملتيميديا الإذاعة الجزائرية