أكد حقوقيون مغربيون، أن كل المعطيات تؤكد عدم نية النظام المخزني، الاستجابة لمطالب الشعب المغربي الذي يكتوي بنار الارتفاع المهول للأسعار والتضييق ومصادرة الحريات وأن "الانجاز الوحيد الذي أصبح يبدع فيه هذا النظام المتسلط والمستبد هو قمع المناضلين والحقوقيين"، محذرين من تصاعد وتيرة الاحتجاجات في ظل استمرار ارتفاع الاثمان والتضييق على الحريات.
في هذا السياق، قال الحقوقي فؤاد عبد المومني في تصريحات صحفية، أنه "لا أمل في أن تستجيب الدولة المغربية لحاجيات وتطلعات وانتظارات الشعب المغربي، بل الانجاز الوحيد الذي تبدع فيه في السنوات الأخيرة، هو كيفية إسكات هذا الشعب الذي يعاني الأمرين".
وأبرز أنّ حكومة عبد العزيز أخنوش، أصبحت غير قادرة على مواجهة جيوش المتظاهرين من مختلف القطاعات، خاصة البطالين والمتضررين من ارتفاع الأسعار، "توجهت إلى قمع الصحافة المستقلة والهيئات الحقوقية وكل المناضلين والمدافعين عن حقوق الإنسان".
وأبرز عبد المومني، أنه في المغرب لم يعد موجود "منطق الدولة" بل" منطق إرادة الفرد المتسلط" وهذا في ظل عدم تطبيق السلطات المغربية للقانون بحذافيره، واستخدامه حسب الأهواء وضد كل من يخالفها الرأي من المعارضين والمناهضين لسياساتها المرفوضة شعبيا.
واستدل في هذا الإطار ب "منع عدد كبير من المسيرات السلمية، التي تطالب بالحقوق المشروعة ورفض منح التراخيص للجمعيات والأحزاب لتجديد فروعها أو عقد اجتماعاتها وجمعياتها العامة وعدم متابعة الفاسدين ممن لهم حظوة ونفوذ..".
من جهته، استنكر الإعلامي والحقوقي المغربي خالد البكاري، منع السلطات المخزنية للاحتجاجات، التي تدعو لها الجمعيات والهيئات والنقابات المعترف بها وهذا رغم أن حرية التظاهر مكفولة قانونا والأكثر من ذلك، يضيف، "تقوم بالتضييق على المناضلين ومتابعة الحقوقيين وسجنهم".
وبحسب البكاري، فإن "كل المؤشرات، بما فيها الديمغرافية (اتساع نسبة الشباب في الهرم السكاني مع استشراء البطالة)، تقود إلى احتمال توسع مساحات الاحتجاج، ما قد تنتج عنه حركة، ليست بالضرورة شبيهة بحركة 20 فبراير ولكن قد تكون أكثر تطورا منها، سواء من حيث الامتداد الشعبي، باعتبار أن المطلب الاجتماعي له قدرة على التعبئة أكبر من السياسي أو من حيث الأشكال الاحتجاجية والتنظيمية مع الاستفادة أكثر من التطورات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي".
ويتوقع الناشط الحقوقي ذاته، أن المغرب سيكون أمام "موجة جديدة من التعبير المجتمعي، لم تتضح معالمها بعد ولكن يمكن التنبؤ بها من خلال طرق تعبير الشباب في فضاءاتهم سواء المهنية أو الفنية أو الرياضية وأنها ستكون أكثر راديكالية وأقل أيديولوجية وأكثر اقترابا من التمثيلات المجتمعية السائدة".
في سياق ذي صلة، أبرز الحقوقي أبو بكر الجامعي، في تصريحات صحفية، أن أحد مقومات الثورة الشعبية، هو وجود نخبة تنتج خطاب يتماشي مع مطالب الشعب المغربي، و في حال عدم قدرة السلطة على الاستجابة لمطالب الشعب، فإنها تقوم بتحييد هذه النخبة وقطع علاقتها مع الشارع المغربي، من أجل وأد الحركات الاحتجاجية.
وأكد في هذا الصدد، بأن ما يميز المغرب اليوم هو "القمع ولا شيء غير القمع، لأن الدولة لا تريد الاستجابة لمطالب المواطنين"، وفي إطار التنديد بالمحكمات الجائرة، جددت "الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب"، في بيان لها تحت عنوان "أسقطوا التهم الكيدية الموجهة إلى معطي منجب والنشطاء الحقوقيين"، دعوتها السلطات المغربية إلى إسقاط كل التهم الموجهة ضد الحقوقي والمؤرخ معطي منجب وباقي النشطاء الحقوقيين، كما جددت مطالبتها بفتح تحقيق في كل الانتهاكات القانونية التي شابت هذا الملف.
واعتبرت الهيئة الحقوقية المغربية، أن استمرار المحاكمات الكيدية، يأتي في إطار"استمرار مسلسل الاضطهاد السياسي الذي يتعرض له معطي منجب منذ أكثر من سبع سنوات وهو الذي حرِم من حقه في محاكمة عادلة بعد أن تم الحكم عليه ابتدائيا، بسنة حبسًا نافذًا رفقة الصحفيين هشام منصوري وعبد الصمد آيت عائشة وهشام خريبشي، في محاكمة لم يتسن له فيها الدفاع عن نفسه، بعد أن تم تغييبه عنها قسرا، لكونه كان مسجونا ودون استدعائه أو إخبار دفاعه بالجلسة في خرق سافرلمعايير المحاكمة العادلة وللدستور والقانون الوطني والدولي".