أهم الأحداث الاقتصادية في الجزائر لسنة 2021

الجزائر
02/01/2022 - 16:10

شهدت الجزائر سنة 2021، استكمال بناء المؤسسات المنتخبة للدولة وإنعاش منظومة النمو والتوازنات المالية، في انطلاقة اقتصادية جديدة للبلاد، بعد سنة 2020 التي تميزت بالتداعيات السلبية لجائحة كوفيد 19.

الصادرات خارج المحروقات: خطوة عملاقة للاقتصاد الوطني في 2021  

تميّزت أداءات الاقتصاد الوطني في سنة 2021 بارتفاع قيمة الصادرات خارج المحروقات، التي ناهزت 4.5 مليار دولار في نهاية شهر نوفمبر وهو مستوى غير مسبوق منذ الاستقلال، حيث أظهرت الأرقام الرسمية ارتفاعًا ملحوظًا في صادرات المحروقات، بنسبة 60 بالمائة من حيث القيمة و12 بالمائة من حيث الحجم، فيما سجلت الصادرات خارج المحروقات، مستوى تاريخي غير مسبوق منذ الاستقلال، محققة طفرة استثنائية (+ 160 بالمائة مقارنة بسنة 2020).

وشكّلت الصادرات خارج المحروقات 12.3 بالمائة من مجموع عمليات الصادرات التي تمت خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية، وتحقّقت هذه النتيجة بفضل مجموعة من الإجراءات التحفيزية التي تشمل على وجه الخصوص إنشاء أروقة خضراء مخصصة للصادرات ومزايا ضريبية وتسهيلات إدارية بالإضافة إلى تعزيز دور الدبلوماسية الاقتصادية في الترويج للمنتجات الجزائرية في الخارج، ومن بين الحوافز التي سمحت بتعزيز الصادرات خارج المحروقات، نجد أيضا التنظيم الجديد لبنك الجزائر والذي يسمح للمصدرين بالحصول على جميع المداخيل من العملة الصعبة الناتجة عن أنشطتهم، بالإضافة إلى ذلك، يعفي نظام البنك المركزي من إجراءات التوطين البنكي، صادرات الخدمات الرقمية وكذا تلك المتعلقة بخدمات الشركات الناشئة والمهنيين غير التجاريين.

وتشير هذه القيمة إلى إرادة الدولة في الخروج تدريجيًا من التبعية للمحروقات وذلك من خلال تنويع النشاطات الاقتصادية والتجارية من اجل إدماج نموذج اقتصادي جديد يقوم على خلق القيمة المضافة، وبالنسبة للجزائر التي لا يزال اقتصادها مرتبطا بشدة بمداخيل المحروقات، فإنّ السنة المنقضية كانت أكثر سخاء من سنة 2020 من حيث سعر البرميل، إذ انتقل المعدل السنوي لمزيج "صحراء بلند" من 41.8 دولارات إلى أكثر من 65 دولارًا.

ويعود تحسن الأسعار بشكل رئيسي إلى انتعاش الاقتصاد العالمي وجهود منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها، من اجل الحفاظ على توازن السوق.

وكانت رسالة رئيس الجهورية، عبد المجيد تبون، واضحة حيث أكد على ضرورة تقليص تبعية الاقتصاد لمداخيل المحروقات إلى 80 بالمائة على المدى القصير مقابل 98 بالمائة في السنوات الأخيرة.

من جهة أخرى، تمكّن المتعاملون الاقتصاديون الناشطون في مجال الصادرات من تثمين جودة منتجاتهم والتعريف بها بفضل زيادة مشاركتهم في المعارض الإقليمية والقارية.

وتنوي الجزائر من جانب آخر، استكشاف مجالات استثمارية أخرى، على غرار تكنولوجيات الإعلام والاتصال، والخدمات الرقمية والبنكية، والتأمينات والإنتاج السينمائي والتلفزي والأشغال العمومية والسياحة والنقل والتعليم والتكوين والنشاطات الرياضية والدراسات والاستشارة.

وفي 31 أكتوبر 2021، وجّه الرئيس عبد المجيد تبون، الحكومة إلى إعادة تقييم اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي "بنداً بندًا وفق نظرة سيادية تقتضي مبدأ "رابح-رابح".

كسر التراجع

بعد تراجع بنسبة 4.9 بالمائة في سنة 2020، سجل الناتج المحلي الخام ارتفاعا قياسيا فاق نسبة 6 بالمائة خلال الثلاثي الثاني لـ 2021، وهي نتائج تؤشر على التعافي الاقتصادي الذي تشهده الجزائر في السنة الحالية.

وتمكّن الاقتصاد الجزائري من العودة للنمو بفضل النتائج الايجابية المحققة في شتى القطاعات، وعلى رأسها قطاع المحروقات الذي سجل ارتفاعا في القيمة المضافة القطاعية بنسبة 10.3 بالمائة (مقابل – 10.2 بالمائة في سنة 2020).

وبالموازاة مع ارتفاع الصادرات، سجّلت الواردات انخفاضًا محسوسًا لتصل الى 30 مليار دولار، أي نصف قيمتها قبل 10 سنوات، ويتعلق الأمر بـ "انخفاض هيكلي وليس ظرفي" بحسب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، كما أنها نتيجة "تعكس مستوى الفساد والتبذير الذي عرفه البلاد خلال السنوات السابقة"، حسب تصريحات الوزير الاول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان.

وبفضل تجسيد سياسة ترشيد الواردات، تمكنت البلاد بعد سنوات من العجز، من تسجيل فائض في الميزان التجاري بأكثر من مليار دولار في نهاية نوفمبر وهو رصيد إيجابي مرشح لأن يتجاوز قيمة ملياري دولار في نهاية السنة، وعليه، فإن مداخيل صادرات البلاد قد سمحت بتغطية تكاليف الواردات في 2021 دون اللجوء الى احتياطات الصرف.

وبالنظر لهذه النتائج، فإن عجز ميزان المدفوعات لن يتجاوز 5 مليارات دولار في 2021 مقابل 16 مليار في 2020، وهي أرقام كانت إلى غاية وقت قريب "بمثابة حلم"، حسب تعبير الوزر الأول.

غير أنّ الجائحة كانت له رغم ذلك آثار ملموسة على التضخم، الذي ارتفع إلى 5 بالمائة بنهاية السنة (مقابل 2.4 بالمائة في 2020)، بسبب ارتفاع اسعار المواد الاولية على المستوى الدولي وتكاليف اللوجستيك وهو ما دفع بالأسعار إلى الارتفاع محليًا، كما زادت الأزمة الصحية التي عرفتها البلاد منذ الثلاثي الأول من 2020 -على غرار بقية العالم- من تفاقم عجز الميزانية جراء ارتفاع النفقات الموجهة لمواجهة الاثار المالية للأزمة. 

لكن وعكس بعض السيناريوهات المتشائمة، فإنّ الجزائر لم تلجأ إلى طبع الأوراق المالية ولا الى الاستدانة الخارجية، حيث تم تمويل الخزينة بشكل كلي من خلال اللجوء الى اليات الخزينة وصندوق ضبط الايرادات.

واعتبر مجلس إدارة صندوق النقد الدولي أنّ "التصدي السريع للسلطات الجزائرية، سمح بالحد من الآثار الصحية والاجتماعية للازمة".

وأكد مجلس إدارة الصندوق في ختام مشاوراته مع الجزائر لسنة 2021، أنّ "الاقتصاد الجزائري بصدد التعافي التدريجي من الصدمتين التي تعرض لهما معا في ان واحد خلال 2020، وهما وباء كوفيد 19 وانخفاض أسعار النفط".

وفضلا عن الاصلاحات الهيكلية واجراءات التصدي للأزمة الصحية، فإنّ سنة 2021 قد تميزت أيضًا بتعزيز الترسانة القانونية المسيرة للاقتصاد، لاسيما مع بداية السريان الفعلي للقانون الجديد للمحروقات، واعداد قانون جديد للاستثمارات والمصادقة على قانون يجرم المضاربة.

 

المصدر
ملتيميديا الإذاعة الجزائرية
تحميل تطبيق الاذاعة الجزائرية
ios