ما تزال الحكومة المغربية تواجه انتقادات لاذعة من قبل الطبقة السياسية نتيجة أدائها الضعيف وعجزها على تدبير الشأن العام والتكفل بانشغالات المواطنين الذين ضاقوا ذرعا بها على مختلف المستويات، في ظل استمرار تقهقر مؤشرات الثقة على المستوى الاجتماعي والسياسي.
في تصريحات نشرها موقع الحزب، أبرز القيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد العزيز أفتاتي أنّ استحضار عدد من المعطيات "سيجعلنا نتوصل إلى خلاصة مخيبة تؤكد الصورة التي تشكّلت بخصوص الحكومة، كحكومة للفساد والغلاء والبطالة والفشل التنموي والاستدانة المفرطة والعجز التدبيري التام، والنكوص المروّع والغياب السياسي الرهيب والفرار من المجال العمومي والاختفاء الكلي طيلة 2022 و2023 وما يستتبع ذلك بالضرورة من اهتزاز الثقة وفقدانها بكل تأكيد".
وضع اقتصادي قاتم وارتفاع معدلات البطالة
بلغة الأرقام، استشهد بظاهرة البطالة التي ارتفعت إلى 13.5% والاستدانة المفرطة التي ارتفعت في عامي 2022 و2023 لتتجاوز 72% من الناتج الداخلي الخام، واللجوء إلى بيع أملاك الدولة للتغطية على نسبة العجز الحقيقي.
ولفت المسؤول ذاته إلى أنّ "استحضار الوضع الاجتماعي المتأزم بفعل الغلاء المستمر الذي يطال عموم المواد والخدمات، ومستويات تضخّم مرعبة في السنتين الفارطتين ونسبة مرتفعة في مستهل هذه السنة (7%)، ستنضاف إليها التبعات السلبية لرفع نسب رسوم الجمارك، والقيمة المضافة بالنسبة لعدّة مواد وخدمات".
واعتبر أنّ التحيين الدوري لمؤشر ثقة الأسر "نموذج صارخ لما آلت إليه الأوضاع"، مشيرا أن عودة المنحى التنازلي لهذا المؤشر إلى أدنى مستوى له منذ 15عاما "يوضح بجلاء الصورة كما هي والتي طالما حاولت الحكومة إخفاءها".
حكومة فاقدة لثقة الشعب
اعتبر أفتاتي أنّ الحكومة "مفتقرة بالأساس للثقة السياسية بفعل السطو على الإرادة الشعبية في الانتخابات الماضية بالمال، ولها أجندة واحدة ووحيدة، هي احتضان الرأسمال الكبير الريعي والماكر و الفاسد وحمايته وتعبئته في طحن السيادة الشعبية و استدامة الافتراس في مجال المال والأعمال"، واصفا أياها ب "الكارثة التنفيذية".
وشدّد: "ما يؤكد هذا التدني المطرد لمؤشر الثقة السياسي والتدبيري، هو موجات الاحتجاجات التي تهز قطاع التعليم وما قابله من فشل مروع من جانب الحكومة في احتواء الوضع المتفجر، في ظل تنكرها لوعودها لموظفي التعليم تارة، وتهديدهم وترهيبهم والسعي لشق صفوفهم تارة أخرى، ما هدد الموسم الدراسي و أضر بمستويات التحصيل، وهو نفس السلوك الذي تعيده بحذافيره مع الحراك الاجتماعي المستمر في العديد من قطاعات الوظيفة العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية".
وحذّر من "فضائح الفساد المتنامية وبشهادة مؤسسات دستورية، ناهيك عن المحاكمات القضائية في صفوف "الغالبية" بتهم الفساد في تدبير المال العام، وقنبلة الاتجار الدولي في المخدرات والاتجار في البشر وتهريب العملات وتبييض كبير لأموال المخدرات".
رئيبس الحكومة عاجز عن استلام عريضة شعبية تطالب باسقاط التطبيع
اختتم القيادي في الحزب بالإشارة إلى "عجز" رئيس الحكومة و"جبنه" حتى عن استلام عريضة شعبية تهدف إلى إسقاط التطبيع، في ظل هبّة تضامنية نصرة لفلسطين ورفضا للإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في قطاع غزة.
وبخصوص الفساد الذي ينخر جسد المملكة، أعلنت الجمعية المغربية لحماية المال العام عن إطلاق حملة وطنية لتجريم الإثراء غير المشروع ومحاربة الفاسد "العابر للقارات"، مؤكدة أنّ غياب المساءلة والحساب "شجع على استمرار الفساد والرشوة ونهب المال العام".
الحملة تستهدف لصوص المال
أكد محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام أنّ الحملة تستهدف "مفسدين ولصوص المال العام الذين يستغلون مواقع المسؤولية ويراكمون ثروات مشبوهة عبر فساد عابر للقارات ويشكلون شبكات ومافيات إجرامية مع تجار المخدرات والبشر ويهددون الدولة والمجتمع".
واستنكر المتحدث "بقاء هذه الشبكات في منأى عن المساءلة والمحاسبة، مما يشجّع على استمرار الفساد والرشوة ونهب المال العام، مع ما يشكله ذلك من تهديد حقيقي للاستقرار والسلم الاجتماعي".
وفي هذا الصدد، ناشد الغلوسي "كل الضمائر الحية والغيورين على مستقبل المغاربة، تنظيم حملة كبيرة وواسعة للمطالبة بتجريم الإثراء غير المشروع باعتبار ذلك يشكل مدخلا لتخليق الحياة العامة"، مؤكدا أن الجمعية التي يترأسها "تخوض منذ سنوات معركة ضد الفساد والرشوة ونهب المال العام وفرض سيادة القانون، و أنها معركة لا تنفصل عن معركة الإصلاح الديمقراطي بالمملكة وإكراهاته من أجل الحرية والكرامة".
وانتهى رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام للدعوة إلى عدم الاستسلام لخطاب اليأس والإحباط أو التراجع للوراء رغم كل الظروف الصعبة.
يُشار إلى أنّ وزير العدل في حكومة المخزن، عبد اللطيف وهبي، سحب في وقت سابق مشروع قانون تجريم الإثراء غير المشروع من المناقشة بالبرلمان، رغم احتجاج العديد من المنظمات الحقوقية والمدنية من هذا الإجراء.