ثارت حالة من الإستياء الشعبي في المغرب، اليوم الثلاثاء، إثر كشف خيوط فضيحة فساد جديدة، ويتعلق الأمر بشبكة الفساد الحزبي التي أحدثت ضجة إعلامية كبيرة وتسببت في سخط وتذمرّ المجتمع، ما يكشف عن طبيعة النظام المخزني وإنحرافاته التي تتجلى في صورة قمعية تستفز العدالة وتغذي روح الإحتجاج.
وأمام إستمرار الحكومة المخزنية في الانفراد بالسلطة واحتكار الثروة والممارسات القمعية و الانتقامية التي تستهدف الحقوقيين و فاضحي الفساد في المملكة، طالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام بوقف صرف الأجور والتعويضات الخاصة بالمنتخبين في كافة المؤسسات، الذين يتابعون قضائيا في ملفات الفساد ونهب المال العام.
وأكد رئيس الجمعية، محمد الغلوسي، ضرورة منع هؤلاء الأشخاص من تمثيل المؤسسات التي ينتمون إليها في أية أنشطة رسمية داخلية أو خارجية، داعياً في تدوينة على حسابه الرسمي بـ (فيسبوك)، الأحزاب السياسية إلى تجميد عضويتهم إلى حين صدور حكم قضائي نهائي في ملفاتهم المعروضة على القضاء.
وفي هذا السياق، شدّد الغلوسي على أهمية تفكيك شبكة الفساد الحزبي، مشيراً إلى أنّ ملتمس الرقابة الذي تقدم به حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" ما هو إلاّ مسرحية هزلية تعبر عن مستوى من تقدم به.
وأضاف "حان الوقت لتسقط هذه القيادات الغارقة في الفساد والرشوة والنهب والتي تساهم بسلوكها وممارستها في تعميق فقدان الثقة في المؤسسات وإشاعة الشعور بالظلم والتمييز وتوفير كل الشروط لفراغ مهول ومخيف في المجتمع وضرب لكل مؤسسات الوساطة".
وقال الغلوسي إنه على رئاسة النيابة العامة إصدار تعليماتها إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية من أجل تفكيك العصابة الحزبية المتورطة في الفساد والرشوة ونهب المال العام.
وسبق للغلوسي أن انتقد تصرفات وزير العدل الذي يسعى بحسبه، بكل ما أوتي من أجل التضييق على نشطاء حماية المال العام، حيث توعدهم بعقوبة سجنية تصل إلى عشر سنوات، مشيرا الى أنه يتهرب من تجريم الإثراء غير المشروع وحول هذه القضية إلى مجال للتهريج.
وانتقد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، طريقة تعامل وزير العدل مع قضية تجريم الإثراء غير المشروع وتهكّمه على الموضوع، معتبراً أنه لا معنى للمحاسبة القضائية في جرائم الفساد، دون مصادرة الأموال الناجمة عنه وصرفها في مشاريع تنموية يستفيد منها المجتمع.
في سياق ذي صلة، أكد الغلوسي أنّ الحكومة الحالية لا تعنيها قضية محاربة الفساد والرشوة، رغم خطورة ذلك على أية برامج أو سياسات عمومية موجهة للتنمية، وأوضح أنّ حكومة المخزن "لا تريد أية معارضة أو تشويش وفضلت تكميم الأفواه بعناية تامة وتتوعد كل من يتجرأ عليها"، محذّرا من "احتقار المجتمع".
واعتبر الغلوسي أنّ حكومة المخزن "تملصت من وعودها المعسولة المقدمة للمجتمع خلال مرحلة الإنتخابات والذي يرزح تحت أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة"، ومقابل ذلك، "قامت بسحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع وسحب مشروعي قانون احتلال الملك العمومي واستغلال المعادن، والتفت عن مطالب المجتمع الرامية إلى مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام وربط المسؤولية بالمحاسبة".
ويعيش المغرب أزمات خانقة متعددة الابعاد في ظل الاحتجاجات المتواصلة على قضايا الفساد و تنصل الحكومة من مسؤوليتها و اكتفائها بالتفرج على معاناة الشعب.
يُشار إلى أنّ الجمعية المغربية لحماية المال العام دعت مراراً إلى فتح مسائل الاشتباه في غسيل الأموال ضد المتورطين في قضايا الفساد والرشوة واستغلال النفوذ، مطالبة بمصادرة ممتلكاتهم وأموالهم لفائدة الدولة.
وطالبت بضرورة تحريك المتابعات القضائية ضدّ المفسدين وناهبي المال العام وإصدار أحكام قضائية رادعة في قضايا الفساد والرشوة ونهب الأموال العمومية، داعيةً السلطة القضائية إلى ممارسة أدوارها الدستورية والقانونية في مكافحة الفساد المالي والاقتصادي وربط المسؤولية بالمحاسبة.