خاض العمال الزراعيون بإقليم اشتوكة آيت باها بالمغرب عدة احتجاجات للتنديد بالظروف المعيشية المزرية التي يعرفونها, غير أن الحكومة المخزنية لم تلتفت لمطالبهم المشروعة, بل اختارت التصدي لها بالقمع الأمني.
و قد خرج العمال الزراعيون بإقليم اشتوكة آيت باها في احتجاجات انطلقت يوم الاثنين الماضي, على مدى ثلاثة ايام تنديدا بالأوضاع المزرية التي يشتغلون فيها وللمطالبة برفع الحيف والتهميش الذي يطالهم.
وقال عبد الله مهماوي رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باشتوكة آيت باها أن هذه الاحتجاجات التي خرجت بأكثر من مكان في الإقليم, "عفوية وليس مخططا لها ولا مؤطرة من أي هيئة نقابية أو سياسية, وإنما هي احتجاجات جاءت نتيجة مجموعة من التراكمات المتعلقة بظروف العمل وهزالة الأجرة إضافة إلى غلاء المعيشة".
وأبرز مهماوي أن الغلاء كان هو النقطة التي أفاضت الكأس, ودفعت هؤلاء العمال للخروج في "حراك احتجاجي" خلال ثلاثة أيام, حيث لم يعد هؤلاء قادرين على سد الحاجيات الأساسية لأسرهم, وعلى رأسها الطعام.
وتوقف الحقوقي على الظروف غير الإنسانية التي يشغل فيها العمال الزراعيون "الذين تنطلق معاناتهم منذ الساعة الثانية ليلا حيث يخرجون في اتجاه سيارات نقل لا تحترم فيها أبسط شروط الكرامة الإنسانية, ويتم تكديسهم نحو المزارع, وهو ما يتسبب بشكل مستمر في حوادث تودي بحياة العديد منهم, ويضاف إلى ذلك الاستغلال وساعات العمل الطويلة وعدم التصريح في الضمان الاجتماعي, وهزالة الأجرة وغيرها".
وأشار المتحدث إلى أن هذه الأوضاع شكلت موضوع احتجاج العديد من الهيئات النقابية والحقوقية والسياسية بالإقليم, والتي ظلت تدق ناقوس الخطر, محذرة مما قد يسفر عنه هذا الاستغلال والاحتقان الاجتماعي من نتائج سلبية, لكن دون أن تجد هذه التحذيرات آذانا صاغية من طرف المسؤولين.
و أكد مهماوي أن هذا "الحراك" قوبل بالقمع والعنف الذي طال المحتجين, والذي تجدد صباح الأربعاء الماضي, حيث استبقت القوات العمومية تجمع المحتجين وعملت على تفريقهم في الأزقة, وهو ما أسفر عن مجموعة من التوقيفات.
وإلى جانب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان, تفاعلت عدة هيئات سياسية وحقوقية ونقابية مع الاحتجاجات, وأكدت أن العمال لم يتظاهروا إلا بعدما بلغت أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية مستويات مزرية, خاصة مع غلاء المعيشة, في الوقت الذي يعانون فيه من كل أشكال هضم الحقوق وظروف العمل غير الإنسانية.
و أدان فرع الحزب الاشتراكي الموحد باشتوكة آيت باها كل أشكال الاستغلال التي يتعرض لها العمال الزراعيون, داعيا إلى تطبيق صارم لقوانين الشغل من أجل حمايتهم, بدل التدخل الأمني والقمع في مواجهة المحتجين الذي لن يؤدي إلا لمزيد من الاحتقان.
وقالت النقابة الديمقراطية للفلاحة بالإقليم إن الاحتجاجات خرجت تنديدا بالاستغلال والفقر وللمطالبة برفع الأجور, بما يواكب غلاء المعيشة, "فالعمال الزراعيون يتقاضون أجرا هزيلا, لا يكفي لتغطية مصاريف مستلزمات حد أدنى من العيش".
وأبرزت ذات النقابة أن العاملات والعمال الزراعيون يعيشون في أحياء الفقر التي لا تتوفر فيها ظروف العيش الكريم ولا المصالح الضرورية, كما أن المجموعات الفلاحية الكبرى المصدرة التي تراكم الأرباح وتستفيد من الإعانات العمومية لا تساهم في التخفيف من الأوضاع الاجتماعية المزرية للشغيلة, بل تحاول تقليص مكاسبهم بعدة أساليب ملتوية, تحرمهم من عدة حقوق على رأسها التغطية الصحية, وكلما أرادوا التعبير عن رفضهم كان مصيرهم الطرد.
وتنديدا بالظلم الذي يواجهه هؤلاء العمال الذين يمثلون العمود الفقري للقطاع الزراعي في المنطقة, ضمت البرلمانية فاطمة التامني صوتها إلى المحتجين, مطالبة وزير الداخلية بالتدخل لحماية حق العمال في التظاهر السلمي, ولرفع الحد الأدنى للأجور تماشيا مع غلاء المعيشة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أغلب المواطنين.
و قالت أن العمال الزراعيين في اشتوكة آيت باها, "الذين يتعرضون للاستغلال المستمر, يعانون في صمت تحت وطأة الأجور الزهيدة وظروف العمل القاسية التي تفتقر إلى أبسط شروط السلامة المهنية, في حين تصر الحكومة على تجاهل مطالبهم",
مشيرة الى أن "هذا التجاهل الفاضح هو تجسيد آخر لاستمرار سياسة السلطة في خدمة مصالح فئات معينة على حساب حقوق طبقة الشعب الكادحة".
و قالت أنه حان الوقت لكي تتحمل الحكومة مسؤوليتها وتبدأ في إنصاف هؤلاء العمال, "فبدلا من اتخاذ تدابير قمعية, يجب عليها أن تحرص على فتح حوار حقيقي مع النقابات ومنظمات المجتمع المدني التي تمثل صوت المظلومين والعمل على تحسين ظروف العمل, وتوفير الأجور التي تليق بكرامة الإنسان".