تنظم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، السبت المقبل، ندوة لتسليط الضوء على تطورات أحداث الجمعة 24 جوان الماضي، تستعرض خلالها تقريرًا اسود حول المحاكمات الجائرة والترحيلات القسرية والانتهاكات الخطيرة بحق المهاجرين المعتقلين على خلفية مأساة مليلية/الناظور، التي راح ضحيتها عشرات المهاجرين الأفارقة.
في بيان لها، أكّدت الجمعية أنّ الهدف من تخليد اليوم الدولي للمهاجرين لهذه السنة، هو العمل على "عدم إغلاق هذا الملف دون فتح تحقيق نزيه من طرف جهات مستقلة من أجل تحديد المسؤوليات ومحاسبة كل المتورطين في هاته الجريمة من الجانبين المغربي والإسباني"، مجدّدةً التأكيد على مسؤولية الرباط ومدريد عن الاختفاء القسري لمجهولي المصير ممن فقدوا أثناء أحداث الجمعة الأسود.
وأبرزت في السياق أنّ "سنة 2022 تميزت بتكريس سياسات الهجرة المرتكزة أساسا على المقاربة الأمنية، وتعزيز العسكرة على الحدود وتشديد المراقبة على تحركات المهاجرين، مما أدى ليس فقط لتدهور أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وانتهاك حقوقهم الأساسية في السكن والصحة والتعليم وحقهم في الشغل والتنقل، بل إلى المسّ بالحق المقدس في الحياة وإلى فقدان العديدين ممن لا زال مصيرهم مجهولا، بالإضافة إلى المحاكمات الجائرة والاعتقالات التعسفية والترحيلات القسرية وإلى انتهاكات لا حصر لها".
وأكدت أنّ "ملف الهجرة واللجوء بالمغرب عرف تراكمات من الانتهاكات الخطيرة مسّت بشكل خاص المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، لعل أبرزها الأحداث المؤلمة التي شهدتها منطقة الناظور على الحدود مع مليلية بالجيب الاسباني"، مبرزة بأنّ هذه الأحداث وصلت حد المساس بالحق المقدس في الحياة وسقوط العديد من الجرحى كانت إصابات بعضهم خطيرة.
في هذا الإطار، أفيد أنّ فرع الجمعية بالناظور وقف على "العديد من الخروقات والانتهاكات والممارسات التي طبعت سلوك السلطات العمومية في تعاملها مع طالبي اللجوء والمهاجرين قبل وأثناء وبعد الأحداث الأليمة التي شهدها المعبر الحدودي"، مما أدى إلى وفاة العشرات وتسجيل 77 مفقودًا إلى حدود اليوم.
وأشارت إلى أنّ 87 مهاجرًا وطالب لجوء ما زالوا معتقلين على خلفية هذه الأحداث (تتراوح أحكامهم بين 8 أشهر وثلاثة سنوات) من خلال "محاكمات ماراثونية عرفت العديد من الخروقات والتجاوزات التي انتهكت فيها شروط وضمانات المحاكمة العادلة، إضافة إلى المئات من المرحلين باستعمال القوة والقمع من طرف السلطات المغربية بتواطؤ مع السلطات الإسبانية".
تنديد بقمع المخزن للحريات في المملكة
ندّدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بقمع نظام المخزن للحريات في المملكة واستمرار التضييق على الحقوق المدنية والسياسية، مطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي.
وانتقدت الجمعية قرار سلطات مدينة فاس، الرافض تسلم التصريح بتجديد مكتب فرع الجمعية بجهة فاس سايس، "في تجاوز معيب للقوانين الجاري بها العمل في مجال الحق في تأسيس الجمعيات".
واستنكرت منع سلطات مدينة سلا، حزب فيدرالية اليسار من تعليق لافتات مؤتمرها الاندماجي، بحجة "أقل ما يقال عنها إنها غاية في الغرابة والعبقرية" (تشويه جمالية المدينة).
وعبّر حقوقيو الجمعية عن استيائهم لمنع جمعية "اطاك المغرب" من تنظيم مؤتمرها، رغم قيامها بكل الإجراءات اللازمة، وفق ما ينص عليه القانون المنظم للجمعيات وحصولها على موافقة إدارة القاعة.
وأدانت الجمعية منع فرعها بالقنيطرة بالقوة، من تنظيم وقفة رمزية للاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وأكدت أنّ هذا المنع يندرج ضمن المزيد من التضييق من قبل نظام المخزن عليها، "والذي لن يثني مناضلاتها ومناضليها عن الاستمرار في الدفاع عن حقوق الإنسان".
وإلى جانب ذلك، عبّرت الجمعية عن استهجانها ورفضها لتهديدات وزير الداخلية المغربي بمتابعة كل من ينتقد الولاة.
وبخصوص ملف أساتذة التعاقد، طالبت الجمعية بوقف المحاكمات الصورية التي يتعرض لها الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد "والتي يتم من خلالها توظيف القضاء لقمع الحق في الاحتجاج السلمي والحق في حرية الرأي والتعبير".
وجدّدت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب إدانتها للاعتقال التعسفي الذي تعرض له النقيب محمد زيان، كما أكدت انخراطها في حملة الترافع أمام المقرر الخاص بالاعتقال التعسفي من أجل إطلاق سراحه وتمكينه من حق التمتع بشروط المحاكمة العادلة، مع العمل على توسيع هذه الحملة لتشمل كذلك المعتقلة السياسية سعيدة العلمي.
وعن قضية مقتل المواطن ياسين شبلي بمركز الشرطة بابن جرير، استهجنت الجمعية رفض المحكمة تمكين المطالبين بالحق المدني، بوقت كافٍ للاطلاع على وثائق الملف من أجل إعداد دفاعهم، في خرق سافر لضمانات المحاكمة العادلة.
ويعيش الشارع المغربي هذه الأيام غليانا غير مسبوق، بسبب استمرار موجة الغلاء الفاحش وتصعيد نظام المخزن لممارساته القمعية ضد المعارضين لسياساته الاستبدادية والمناضلين الناقمين على تدهور الظروف المعيشية، وسط دعوات لمزيد من الاحتجاجات قادم الأيام بعد غلق السلطات باب الحوار.